المثانة هي العضو المسؤول عن تخزين البول الذي يصل إليها من الكليتين عبر الحالبين، ويمكنك تخيل مدى أهمية هذا الدور عندما تفكر أنه بدون المثانة، قد تضطر للتوجه إلى الحمام مع كل قطرة بول تفرزها الكلى؛ لذلك فإن دور المثانة لا يُستهان به على الإطلاق، ولكن قد تُصاب المثانة ببعض المشكلات التي تؤثر على وظيفتها، وأشهر هذه المشكلات هي السرطان، ويتساءل الكثير من الأشخاص حول استئصال المثانة بسبب السرطان كخيار علاجي فعال للتخلص من تلك المشكلة الصحية المزعجة، وهذا ما سوف يدور حوله مقالنا، وذلك مع الدكتور ضياء صالح – أستاذ جراحة الأورام وجراحة أورام الثدي بالمعهد القومي للأورام بجامعة القاهرة وعضو الجمعية الأوروبية لجراحة الأورام – فتابعوا معنا قراءة المقال للنهاية لتتعرفوا على كافة التفاصيل.

ما هو سرطان المثانة البولية؟

لكي نصل إلى نقطة استئصال المثانة بسبب السرطان، علينا في البداية المرور بالعديد من المحطات، وأول هذه المحطات هو التعرف على المقصود بسرطان المثانة البولية.

سرطان المثانة البولية هو نوع من أنواع السرطانات التي تبدأ في المثانة البولية، وغالبًا ما يبدأ السرطان في الخلايا التي تبطن جدار المثانة والتي تُعرف باسم خلايا الظهارة البولية (Urothelial Cells)، وللعلم فإن هذه الخلايا توجد في الكلى والحالبين، لذلك فإن هذه الأماكن يمكن أن تُصاب بالسرطان كذلك، ولكن سرطانات هذه الخلايا غالبًا ما تحدث في المثانة البولية.

من المعروف أن المثانة البولية هي عضو عضلي، والعضلات الموجود في جدار المثانة تعمل على تفريغ المثانة عند امتلائها بالبول عن طريق الانقباض، مع فتح صمام المثانة ليسمح بمرور البول من خلال الإحليل ليخرج خارج الجسم، ولكن عند الإصابة بالسرطان، فإن الأمور لن تسير بهذه السلاسة، وسيُصاب المريض بالكثير من المشكلات المتعلقة بالبول.

أعراض سرطان المثانة

المحطة الثانية لمقالنا قبل استئصال المثانة بسبب السرطان هي الأعراض التي تظهر على المريض بسبب سرطان المثانة، والتي تؤثر بشدة على جودة حياة المريض، وأعراض سرطان المثانة تشمل:

  • نزول دم في البول.
  • الحاجة إلى التبول أكثر من المعتاد.
  • الشعور بالألم أثناء التبول.
  • الشعور بألم في الظهر.

استئصال المثانة بسبب السرطان

دعنا في هذه الفقرات نتحدث مباشرة عن استئصال المثانة بسبب السرطان بالتفصيل، خاصة وأن الكثير من المرضى يبحثون عن استئصال المثانة الجذري، أو إزالة المثانة بالكامل، ولكن هل هذا هو الخيار الوحيد أمام مريض سرطان المثانة؟

للإجابة على هذا السؤال، علينا معرفة أن هدف الجراحة هو إزالة كل الخلايا السرطانية، وهذا يأخذنا لنقطة يتغافل عنها الكثير من الأشخاص، وهي أن الطبيب إذ استطاع التخلص من الخلايا السرطانية دون إزالة المثانة أو استئصال المثانة الجذري فسوف يستخدم الطريقة الملائمة لهذا الهدف، ولكن في بعض الحالات لا بد من استئصال المثانة الجذري أو إزالة المثانة بالكامل، من أجل التخلص من السرطان نهائيًا، وبناءً على كلامنا هذا فإننا نجد أن طرق إجراء العملية الجراحية من أجل علاج سرطان المثانة مختلفة، ويمكن توضيحها وفق الآتي:

  • استئصال سرطان المثانة من خلال الإحليل

ذكرنا أن استئصال المثانة بسبب السرطان ليس ضروريًا في كل الحالات، لذلك نجد أن في حالة أن السرطان لا زال في بطانة جدار المثانة، ولم يصل السرطان بعد إلى طبقة العضلات في الجدار، يمكن أن يستخدم الطبيب هذه الطريقة من أجل استئصال السرطان فقط دون الحاجة إلى إزالة المثانة بالكامل.

خلال هذه العملية يعمل الجراح على إدخال سلك كهربائي بواسطة منظار المثانة البولية إلى داخل المثانة، وينتج هذا السلك تيار كهربائي يعمل على تدمير أو حرق الخلايا السرطانية، كما يمكن استخدام ليزر بطاقة عالية للوصول إلى نفس الهدف.

ما يميز هذه الطريقة بجانب عدم الحاجة إلى استئصال المثانة الجذري هو أنه لا يوجد أن جرح في البطن أو في أي جزء آخر في الجسم، وذلك لأن العملية تُجرى من خلال الإحليل أو مجرى البول، وفي بعض الحالات قد لا تتوقف العملية عند حد حرق الخلايا السرطانية، فقد يوصي الطبيب بحقن جرعة واحدة من العلاج الكيماوي من خلال المنظار، وذلك من أجل تدمير والقضاء على أي خلايا سرطانية متبقية، بالإضافة إلى منع السرطان من العودة مرة أخرى، وهذا العلاج يظل في المثانة لفترة ثم يتم تصريفه.

  • استئصال المثانة الجذري

هنا يأتي الدور على استئصال المثانة بسبب السرطان، وحديثنا في هذه الفقرة عن عملية استئصال المثانة، حيث يلجأ الطبيب إلى عملية استئصال المثانة الجذري في حالة وجود أكثر من سرطان في أجزاء المثانة المختلفة، وفي عملية استئصال المثانة الجذري يعمل الطبيب على إزالة المثانة بالكامل، بالإضافة إلى إزالة الغدد الليمفاوية المحيطة بها.

لا تتوقف عملية استئصال المثانة الجذري عند هذا الحد، فنجد أن في الذكور يستأصل الطبيب البروستاتا والحويصلات المنوية، أما في الإناث فإن الطبيب يستأصل الرحم والمبايض وجزء من المهبل، ويمكن إجراء هذه العملية من خلال شق في الجزء السفلي من البطن.

تجدر الإشارة إلى وجود عملية استئصال المثانة الجزئي، والذي يعمل فيه الطبيب على استئصال الجزء الذي يحتوي على السرطان فقط، دون الإضرار بباقي أجزاء المثانة البولية.

بعد عملية استئصال المثانة بسبب السرطان، فإنه لا بد من إجراء بعض الإجراءات الأخرى من أجل مساعدة المريض على التبول بعد العملية، وهذه الإجراءات تشمل:

  • إعادة بناء المثانة: حيث يعمل الطبيب على تشكيل خزان من جزء من الأمعاء الدقيقة، ويُعرف هذا الخزان باسم المثانة الجديدة، ويضعه الطبيب في مكان المثانة ويربطه بالإحليل، وهذا يساعد بعض المرضى في التبول بطريقة طبيعية، ولكن بعض الحالات قد يجد المريض صعوبة في تفريغ المثانة الجديدة بالكامل، وقد يحتاج المريض إلى استخدام القسطرة من أجل تفريغ المثانة الجديدة بالكامل.
  • القناة اللفائفية: قد يعمل الطبيب على إنشاء أنبوبة تُعرف باسم القناة اللفائفية من جزء من الأمعاء، وهذه القناة تمر من الحالب إلى كيس تجميع يرتديه المريض حول بطنه.
  • خزان البول: قد يستخدم الطبيب جزء من الأمعاء ليكون خزان لاحتواء البول، ويقع هذا الخزان داخل الجسم، ويمكن للمريض تصريف البول من الخزان من خلال فتحة في البطن باستخدام قسطرة عدة مرات في اليوم.

نسبة نجاح عملية استئصال المثانة

يتساءل الكثير من المرضى عن نسبة نجاح عملية استئصال المثانة بسبب السرطان، ولكن لدينا العديد من الحالات، وكل حالة لها نسبة النجاح الخاصة بها، فنجد أن نسبة نجاح عملية استئصال المثانة بسبب السرطان الذي لم يغزو العضلات بعد تصل إلى 90%، ولكن نسبة نجاح عملية استئصال المثانة بسبب السرطان الذي وصل إلى عضلات جدار المثانة فإن نسبة تقل لتصل إلى 60%.

وبشكل عام تعتمد نسبة نجاح عملية استئصال المثانة بسبب سرطان على عدة عوامل، ومنها على سبيل المثال حالة المريض الصحية وعمره، ونوع السرطان الذي يعاني منه ومرحلته، بالإضافة إلى طريقة إجراء العملية، ومن النقاط المهمة خيرة ومهارة الطبيب في إجراء هذه العمليات.

هل استئصال المثانة بسبب السرطان هو العلاج الوحيد؟

الإجابة بكل بساطة لا، إذ توجد بعض الطرق الأخرى للعلاج التي يمكن استخدامها بمفردها، أو استخدامها مع الجراحة، وهذه الطرق تشمل:

  • العلاج الكيماوي.
  • العلاج الإشعاعي.
  • العلاج المناعي.
  • العلاج الموجه.

يختار الطبيب الطريقة الأمثل لعلاج سرطان المثانة لدى المريض، وذلك بعد تقييم حالة المريض وتقييم السرطان ونوعه ومرحلته وموقعه وغيرها من العوامل، لذلك نصيحتنا هي اختر دائمًا أفضل طبيب للحصول على أفضل النتائج.

في النهاية، استئصال المثانة بسبب السرطان قد يكون الحل الأمثل لسرطان المثانة لكنه ليس العلاج الوحيد دائمًا، لذلك لا تتردد في التواصل مع المركز المصري للأورام من أجل حجز استشارة مع الدكتور ضياء صالح – أستاذ جراحة الأورام وجراحة أورام الثدي بالمعهد القومي للأورام بجامعة القاهرة وعضو الجمعية الأوروبية لجراحة الأورام – من أجل علاج سرطان المثانة بأفضل طريقة ممكنة.

أسئلة شائعة

كيف يتم التبول بعد استئصال المثانة؟

بعد استئصال المثانة، يتم إنشاء مسار بديل للتبول إما عن طريق تحويل البول إلى كيس خارجي يوصل بالجسم، أو من خلال تكوين مثانة صناعية باستخدام جزء من الأمعاء لتمكين التبول بشكل طبيعي.

هل يعود سرطان المثانة بعد استئصال المثانة؟

نعم، قد يعود سرطان المثانة بعد استئصالها، وتشير الدراسات إلى أن نسبة عودة سرطان المثانة تتراوح بين 1% إلى 8%، لذلك يُنصح بالمتابعة الدورية وإجراء الفحوصات المنتظمة للكشف المبكر عن أي عودة للسرطان.


اقرأ أيضا